احنا الحكومة
by Salman Mohamed on Tuesday, September 28, 2010 at 11:47am ·
ذهب عم أحمد العامل البسيط الى احدى لجان الأنتخابات بمنطقته ممسكا فى يديه بطاقته الألكترونية لانتخاب احد الاعضاء المرشحين .... لا يعلم عم أحمد مدى كفاءة هذا العضو ولا نزاهته و لا حتى انتمائه الحزبى... و لكن القائمين على حشد المؤيدين للسيد العضو اخبروه بانه سيحصل على قطعة قماش مقابل الادلأ بصوته... و بعد مرور عدة اشهر كانت الست ام أحمد "زوجة ابو احمد" ترتدى جلباب مصنوع من قماش السيد العضو و تزاحم وسط طوابير العيش على أحد الافران لتشترى لنفسها و اولادها الخبز المدعم ابو خمسة قروش .... فلا طاقة لها لشراء الانواع الاخرى ذات الاسعار الاعلى ... و كان عم رضا صاحب المخبز قد باع جواليين من الدقيق المدعم فى السوق السوداء لتحقيق ربح سريع ... فالمعيشة أصبحت صعبة و الحياة فى غلاء ... وصلت الست فوزية "مرات عم رضا صاحب الفرن " الى احد منافذ بيع اللحوم المدعمة التى استوردتها الحكومة من اثيوبيا... و لكن استاذ طارق المسئول اخبرها بان الكمية قد نفذت ... و كيف لا ... فبمجرد وصول اللحم المدعم قام استاذ طارق بتحويل كميات كبيرة منه الى بيته و بيوت اصدقائه و معارفه ممن لا يستحقون الدعم اصلا ... و فى نفس الوقت كانت مدام حنان "زوجة استاذ أشرف المسئول عن توزيع اللحوم " فى مكتب عضو مجلس الشعب المرشح عن دائرتهم و فى يديها ملف ملىء بالشهادات و التقارير الطبية التى تثبت مرض ابنهما رامى ... فمرضه خطير و لابد له من عملية جراحية خطيرة و الوقت ليس فى صالحه ... و تأمل مدام حنان فى أن ينال ابنها نصيبه من الدعم و يتم علاجه على نفقة الدولة ... استلم منها السكرتير الملف و طمئنها بانه سيهتم بالموضوع ... و بمجرد انصرافها ألقى السكرتير بالملف ليستقر أعلى جبل من الطلبات و الشكاوى المقدمة للسيد العضو ... و كان السيد العضو مشغول باجراء محادثة هاتفية مع زوجته ب لندن للاطمئنان على صحتها خاصة بعد سفرها للعلاج على نفقة الدولة ... و اخبرته بأن عملية الشد تمت بنجاح وان حالتها مستقرة ... و فى هذه اللحظة زاد اندفاع الناس حول الست ام احمد فى طابور العيش و تحول الطابور الى معركة حقيقية و وسط الشد و الجذب انقطع جلباب الست ام احمد ... اسقطت الست ام احمد من يديها قفص العيش و النقود و انسحبت مسرعة خارج الزحام و هى تحاول ان تستر ما ظهر من جسدها ... فهى ليست بحاجة الى الخبز المدعم قدر حاجتها الى الستر ... فالستر هو الدعم الحقيقي الذى سلبه منها عم رضا ... لا ليس عم رضا فهو ضحية مثلها تماما ... انه استاذ اشرف ... ليس اشرف ايضا انه السيد العضو ...لا انه عم ابو احمد زوجها ... نعم فهو من جاء بالسيد العضو ... هو من باع صوته الانتتخابى ...و باع معه حقوقه و كرامته و حريته ... باع كل هؤلاء من اجل قطعة قماش ... فما اغلى ثمن هذا النوع من القماش و ما ابخس قيمته
وسط تصفيق حاد من جميع زملائه بالفصل وقف شريف مبتسما و سعيدا كونه فاز بأن يكون رائد الفصل ... غير أن خالد الجالس فى الصف الاخير يرى أنه كان اجدر لهذا المنصب لولا محاباة الاساتذة و الطلاب لشريف كونه ابن الناظر ... لم يكن شريف طالب سىء و لكنه ايضا لم يكن الطالب المثالى ...و لكنه كان يحظى بمعاملة خاصة عن اقرانه ظل يتمتع بها حتى دخوله كلية الحقوق ... و هناك لم يكن لحضرة الناظر أى تأثير ... أعتمد شريف على نفسه و أبلى بلاء حسنا جعله من اوائل دفعته طوال الاربع سنوات مما يرشحه لأن يكون وكيل نيابة ... و يوم اعلان الاسماء التى تم اختيارها للنيابة ذهب شريف و كله تفاؤل و ثقة ... و لكن سرعان ما تبددت هذه الثقة حينما افتقد اسمه فى كشف المرشحين و وجد بدلا منه اسم محمود ابن سيادة المستشار ... خرج شريف من مبنى الكلية حزين و مقهور و خرج محمود من نفس المبنى سعيد و منتشى ... ركب شريف أحد الميكروباصات عائدا لبيته و استقل محمود سيارته الخاصة و سار الميكروباص و السيارة فى نفس الطريق معا و توقفا فى احدى اشارات المرور ... عندها و فى نفس اللحظة و قع نظر شريف و محمود على لافتة قماشية معلقة بالشارع مفادها أن أهالى المنطقة يؤيدون نجل الرئيس للترشح للانتخابات ... فتحت الاشارة و انعطف محمود بسيارته يمينا و انعطف الميكروباص ب شريف يسارا ... يبدو ان لكل منهم طريق مختلف
"باقى من الوقت خمس دقايق و هنلم الورق" ... جملة ألقتها أبلة جليلة على الطلاب فى لجنة الامتحان ... كانت هذه الجملة بمثابة اعلان رسمى بتخفيف الرقابة علشان اللى ناقصه حاجه يلحق ياخدها من زمايله و لكن فى حدود الهمس لا أكثر ... بدأ استاذ ميلاد المراقب الثانى فى اللجنة فى فتح جريدة فى يده و قرأتها تأكيدا لموافقته على مبدأ الهمس خلال الخمس دقائق الاخيرة ... أقتربت ابلة جليلة من استاذ ميلاد لتشاركه قراءة مانشت يفيد بأن الرقابة الغير صارمة على البلاد سمحت بدخول شحنة قمح فاسدة ... سأل استاذ ميلاد نفسه كيف لا يكون احد هؤلاء الطلاب واحد من المسئولين الذين يسمحون بقبول الرشوى مقابل دخول أى شحنة بدون أى رقابة كما نجح هو نفسه بدون رقابة ... نظر استاذ ميلاد فى عيون ابلة جليلة فوجدها تشاطره نفس المخاوف ... أسقط استاذ ميلاد الجريدة من يديه و جرى بين صفوف الطلاب يفرق هماساتهم و هو يقول "كل واحد يخليه فى ورقته ... ماحدش فيكو ياخد رشوى من حد" ... و جرت أبلة جليلة و سط الصفوف الاخرى و هى تضرخ فى الطلاب "كفاية غش ... كفاية قمح فاسد"
ذكروا أن رجلا من الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب جاءوا إلى علي فقال له يا علي ما بال الناس قد تغيروا عليك ولم يتغيروا على أبي بكر وعمر ؟ قال لأن رجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي ورجالي أنت وأمثالك
محمد سالمان
No comments:
Post a Comment