اقتربت العجوز من فتاة عشرينية تضغط فى عصبية ازرار
هاتفها المحمول فى عبوث و هى تجلس على احد مقاعد الانتظار فى محطة المترو .. تميل
العجوز بجسدها لتقترب من أذن الفتاة ثم تهمس .. " تيك تاك.. تيك تاك .. تيك
تاك.. تيك تاك.. تيك تاك "
الفتاة : أوفففف .. أنتى تانى! .. يا ستى ارحمينى بقى ..
مش عايزة ورد أنا مش ح أشترى .. الله يحنن
العجوز : تيك تاك.. تيك تاك .. تيك تاك.. تيك تاك.. تيك
تاك
الفتاة : ايه تيك تاك اللى أنتى خوتانى بيها دى ؟ .. انتى
خرسا ؟!
العجوز : ( و هى
تشير الى راحة ساعدها الأيسر ) تيك تاك .. تيك تاك
الفتاة :اااه .. الساعة ؟ .. الساعة بقت تمانية و نص يا ستى ..
ارتاحتى ؟
العجوز : ( تهز رأسها نافية فى دلال طفلة فى الخامسة من
عمرها )
الفتاة : طب اومال عاوزة ايه بس .. انا مش عارفة افهمك
العجوز : (تتحرك لتمر على ثلاث مقاعد شاغرة بجوار الفتاة
ثم تقف امام الرابع .. تشير للفتاة
بسبابتها .. ثم تنظر يمنة و يسرى .. بعدها تجلس و تنظر لراحد يدها اليسرى ) تيك
تاك .. تيك تاك .. تيك تاك
الفتاة : أيوة .. أنا مستنيه حد هنا و هو لسة ماجاش .. أول ما
ييجى ح ..
العجوز : ( قاطعت كلام الفتاة فى ضحكة طفوليه ما لبثت أن
تحولت لقهقهات عجوز استمرت طويلا و لم تتوقف حتى نالت من صدرها سعال حاد
على ما يبدو أنه كان السبب الرئيسى لتوقف تلك الضحكات)
الفتاة : أنتى مجنونة .. صح ؟
العجوز : ( تهز رأسها نافيه فى غضب الأطفال .. ثم تضع
سبابتها أمام فمها و تحملق فى عين الفتاة الجالسة قبالتها.. و كأنها تنهاها عن
التلفظ بتلك السبة ثانية)
الفتاة : تهز رأسها غير مبالية لأمر العجوز .. وتمسك
بهاتفها تعيد معه نفس الكرة ..تضغط نفس الارقام
و تنتظر نفس المدة ف تستقبل نفس الرد من
نفس المرسل اليه .. نفس كل شىء .. لم يزد الا عبوثها و لم يقل الا صبرها
العجوز : ( تغمز للفتاة بعينها اليمنى .. و تضيف على
وجهها ابتسامة خجل .. ثم تشبك سبابتيها و ابهاميها فى علامة قلب امام الفتاة ..
سريعا ما تفصلهما و تدارى بكف يديها ابتسامة أعرض على فمها)
استطاعت تلك الحركة ان تهرب ابتسامة مهمومة على وجه الفتاة
التى كانت على وشك الأنفجار
الفتاة : أيوة .. هو ده ( ثم ترسم بيديها علامة القلب
مرة أخرى) و هى تبتسم .. و أول ماييجى ح..
العجوز : ( قاطعتها بضحكتها الطفولية المعهودة)
الفتاة : ( و قد ضاق بها ذرعا ) أنتى ليه بتضحكى كده كل
ما أقولك أنه جاى ؟! .. انتى ليه مش مصدقة أنه جاى ؟
العجوز : ( وقد
تلاشت ملامحها الطفوليه و هى تنظر بطرف عينها للفتاة)
كانت تلك النظرة معهودة لكلتاهما .. تلك النظرة التى تنظرها
الأم لابنها عند ارتكابه الخطأ نفسه الذى طالما عاهدها على عدم تكراره .. نظرة
المعلم لتلميذه عندما يخيب فى حل نفس
المسألة التى طال شرحها .. نظرة الصغيرة لأبيها بعد نسيانه حلوتها بعدما طال
تذكيره .. نظرة تغنى طرفيها عن الكلام أو حتى الإشارات .. يجلد فيها الناظر
المنظور اليه بنظره .. فيطيل النظر او يقصره على قدر جرمه .. ثم ما يلبث أن يقطع
النظرة خشية على قلب المنظور اليه المعترف بذنبه .. ف برغم الجرم .. الجلاد محب و
المجلود حبيبه