Thursday, December 4, 2014

نهر الجنون

احنا مش أقل من الهند .. زى ما الهند قدرت خلال سنة واحدة توصل المريخ .. احنا كمان نقدر نعمل كده
أيوة يا فندم بس أحنا ماعندناش أى نواة لعلوم الفضاء .. وعلشان نعمل كده محتاجين سنين كتيرة علشان ...
هى سنة واحدة .. 365 يوم من دلوقتى عايز تقرير على مكتبى أننا على سطح المريخ

بعد 365 يوم-------  -----
مجدى : أيوة يا هبة .. سامعانى؟!
هبة : أيوة يا بشمهندس .. أحنا كلنا هنا فى مركز الفضاء اللى ف المقطم سامعينكم .. و الخبير الروسى بيقول أنه شايف سفينتكم الفضائية ع الردار اللى قدامنا ده
مجدى : أنا مش قلقان غير من الخبير الروسى  ده .. هو اللى جاب السفينة العرة دى .. و قالنا أركبوا و ماتخافوش ..هى متبرمجة و ح تنطلق لوحدها .. و عملنا البحر طحينة .. و النتيجة أهو
هبة : أيه ؟ .. خير ؟.. ده الراجل قاعد أهو و بيقول ان كل شىء تمام ع الردار
مجدى : طبعا .. ماهو اللى ع البر عوام .. قوليله ان فى مشكلة كبيرة دلوقتى .. أحنا ماكملناش ربع ساعة طيران ..و بقالنا ساعة لايصين ..  الموتور بطل .. و السفينة دلوقتى ممورة .. و ماشية بتتمرجح
هبة : هو بيقول ان صواريخ الوقود هى اللى انفصلت .. و ده طبيعى علشان أنتوا مش محتاجينها بعد ما عديتوا مجال الجاذبية الأرضية
مجدى : هو أحنا عدينا الجاذبية ؟! .. طب و ماحدش قالنا ليه طيب .. ينفع كده ؟
هبة . هو بيقول ان ده بيطلع قدامكم ع الشاشة
مجدى : أنهى شاشة بس ؟ .. ده هنا فى أربع شاشات كلهم أرقام و خطوط و الواحد متزاول ع الأخر .. تقوليش طالعين البورصة
هبة : بيقولك مراقبة الشاشات دى وظيفة  "مها" المفروض تبدأ شغلها أول ما تخرجوا من مجال الجاذبية ؟ .. بدأت ؟
مجدى : مدام "مها" مريحة ف كباين النوم من ساعة ما طلعنا من الأرض .. مش متعودة على إنعدام الجاذبية و لو قامت بتبقى دايخة و بترجع و بتبهدلنا كلنا
هبة : الخبير بيزعق .. و بيقولك لازم تقوم تعمل شغلها
مجدى : مش ح ينفع صدقينى .. ب منتهى الأمانة .. مدام "مها" حامل .. هى مالقتلناش غير بعد ما طلعنا
هبة : الخبير منفعل .. وبيقول إزاى "مها" تخبى عليه حاجة زى كده ؟
مجدى : هى مش قاصدة تخبى عليه .. هى ماكنتش قايلة  ل حد خالص .. أصلها لسة ف الرابع.. و العين وحشة يا هبة
هبة : ثوانى .. الخبير أغم عليه و بيفوقوه .. عامة .. قول ل مها ألف مبروك و ربنا يقومها بالسلامة
مجدى: أول ما تصحى ح أبلغها حاضر
هبة : أهو الخبير فاق أهو .. متعصب قوى و بيقول لازم نلغى الرحلة و ترجعوا الأرض
مجدى : يلغى أيه ؟ .. ده هدف قومى .. و ح نوصل يعنى ح نوصل .. هو كان كلام عيال .. قوليله لو مش قد المهمة يسيبها .. و أحنا ح نبعت نجيب غيره
هبة : خلاص خلاص  هما  كلهم هنا بيهدوه أهه .. و هو ح يكمل
مجدى : أيوة كده .. يقولى بس عايزنى أعمل ايه بالظبط و بالتفصيل الممل و أنا ح أعمله
هبة : بيقول أن انت لازم تتأكد ان "الديستناشين" محطوطة صح على جهاز "النافيجاشيون" و بعدين بت "لونش" البروجرام .. و محمود ح يراقب البروجرام و هو شغال و يبلغه باللى بيحصل ... بيقول إن محمود مدرب على كده كويس .. و عارف ح يعمل ايه بالظبط
مجدى : لأ  ماهو .. أصل أأأ .. محمود ماطلعش معانا الصراحة .. محمود تم استبعاده لأسباب أمنية قبل الرحلة ب 24 ساعة بس
هبة: الراجل مش مصدق نفسه .. متعصب و بيشوح و بيقول إزاى ماحدش ياخد رأيه ؟
مجدى : جرى إيه يا هبة ؟! .. دى تقارير أمنية.. مابتعديش على التيكنيكال تيم خالص . عامة محمود جيه مكانه هيثم
هبة : بيقولك و هيثم ده ف نفس مستوى محمود
مجدى : لأ طبعا .. هيثم مستواه أعلى .. باباه مستشار و أخوه وكيل نيابة و مامته وكيلة الثانوية بنات اللى ف المنيل
هبة : ----
مجدى : أيوة يا هبة .. أنتو لسة معايا ؟
هبة : أيوة معاك ... ثوانى بس .. الخبير أغم عليه تانى
مجدى : هو الراجل ده بيغم عليه كل شوية كده ليه ؟
هبة : يمكن عنده السكر يا بشمهندس .. أنا خالتى بيحصلها كده .. و لما بتجيها الكومة بتقع مننا كده بعيد عنك
مجدى : يا ستى ربنا يشفيه .. بس يركز معانا شوية كده علشان ننجز  نروح المريخ ونرجع بدرى بدرى
هبة : أهو فاق أهو .. بس مش بيحرك ايده اليمين ..و بقه اتعوج سنة كده و كلامه بقى تقيل .. بس برضه مصمم أنكم ترجعوا و نلغى الرحلة

********************** بعد أربعة أيام*********************************

المذيعة : ضيفنا النهاردة هو قائد أول سفينة فضائية مصرية توصل المريخ .. ضيفنا النهاردة  أسطورة حقيقية .. حقيقة وهمية .. معانا و معاكم .. أبوللو العرب .. البشمهندس مجدى .. منورنا يا باشمهندس
مجدى : ميرسى ليكى
المذيعة : الوصول للمريخ كان سهل ؟
مجدى : اطلاقا .. خالص بقى ... احنا كنا مابنامش تقريبا على مدار السنة اللى فاتت دى كلها .. الناس كلها جابت اخر ما عندها .. لأن كان عندنا هدف .. و هدف قومى .. أينعم  الخبير الروسى عطلنا كتيييير قوى ب مجموعة قرارت خاطئة و لولا ستر ربنا  لولا وصلنا .. بس الحمد لله .. لكل مجتهد نصيب
المذيعة : طب و وسط الفرحة العارمة من المصريين اللى  أفسدتها تصريحات من الحكومة الهندية بعدم رصد أى نشاط مصرى على  المريخ .. ايه تعليق حضرتك ؟
مجدى : بصى حضرتك .. الفشل مش عيب .. بالعكس .. ده معناه أنك حاولت و أتعلمت و المرة الجاية أكيد مش ح تكرر نفس الغلطة  .. أنا بوجه الكلام ده للحكومة الهندية .. لأننا بصراحة أول ما وصلنا المريخ .. ماقدرناش نرصد أى نشاط هندى على سطحه يدل أنهم مازالوا أو حتى  كانوا موجديين قبل كده أصلا .. ف طبيعى أنهم يطلعوا يقولوا كده
المذيعة : لأ ... دى مفاجئة من العيار التقيل .. أحكلنا حضرتك بقى بتفاصيل أكتر
مجدى : شوفى .. أحنا أول ما عدينا بوابات المريخ .. فضلنا ماشيين بالمركبة بتاع سبع تمن دقايق على ما وصلنا باركينج السفن الفضائية
المذيعة : هايل
مجدى : دخلنا الباركنج ماكنش فيه غير سفينتين فضائيتين غيرنا .. واحدة أمريكية و  نمرتها  "ناسا 69" و التانية روسية مكتوب عليها" كى جى بى" و مش واخدة نمر خالص حضرتك
المذيعة : و مافيش سفينة هندى ؟
مجدى : ولا الهوا
المذيعة : يعنى الهند كانت ب تكدب علينا
مجدى : المشكلة ف أنها ب تكدب على المواطنين  الهنود نفسهم .. و المشكلة الأكبر إن المواطنيين مصدقين اللى الحكومة بتقوله ... أخطر حاجة إنك تصدقى الكدبة اللى أنتى عارفة أنها كدبة .. لأنك بعد فترة معينة بيبقى عندك قناعة بيها .. و بيبقى صعب عليكى تكديب الكدبة مرة تانية
المذيعة : طب المواطن الهندى اللى صدق كذب حكومته عنده مبرر .. لأنه كان نفسه الأنجاز ده يبقى حقيقى فعلا  .. انما  حضرتك تقول ايه ل شباب الفيس بوك اللى را فضيين يصدقوا الانجاز اللى انتوا عملتوه فعلا  ؟

مجدى :  عارفة حضرتك .. أنا مش صعبان عليا غير شباب الفيس بوك دول .. فاكرين نفسهم فاهمين كل حاجة صح .. و هم ف الحقيقة شبه الملك اللى ف قصة نهر الجنون .. لو فضل عاقل مش ح يبقى ملك .. و  علشان يفضل ملك لازم يبقى مجنون
المذيعة : أحم .. لأ .. بشمهندس مجدى أحنا ع الهوا
مجدى : خايفة من ايه ؟ .. الناس مصدقة ..و ح تفضل مصدقة .. مش علشان اللى بنقوله يتصدق  .. لأ .. علشان هم عايزين يصدقوه .. و عايزينا نفضل نقوله  علشان يفضلوا يصدقوه .. عارفة الدكتور لما ييجى يبلغ مريض معين ب حقيقة  مرض خبيث  .. بيقوله أنت ايه اللى خلاك تفضل ساكت لغاية دلوقتى .. ماجيتش أول ما حسيت بالأعراض الاولية  ليه .. و غالبا المريض بيرد عليه و يقوله .. أنا الحقيقة كدبت نفسى .. و قولت شدة و تزول .. شوفتى حضرتك ... كدب نفسه
المذيعة : طب أحنا ممكن نطلع فاصل لو تحب و نبقى .....
مجدى :نبقى ايه ؟! و فاصل ايه ؟! .. بقولك كدب نفسه .. كدب عينيه و عقله و جوارحه علشان ما يواجهش نفسه بالمرض .. و لما الدكتور يصارحه أكتر بالحقيقة .. و يقوله أنه فى المرحلة المتأخرة دى فرصة علاجه ب تبقى أقل .. و أنه  لازم يقبل المجازفة  و يبذل مجهود أكبر ف مقاومة المرض.. لأنه لو معملش كده مابيبقاش قدامه غير أنه يستسلم للمرض و يعيش اللى فاضله على مسكنات و مورفين  .. ساعتها المريض بيمسك ف ايد الدكتور جامد .. و يبص له بنظرة أستعطاف و شفقة و يقوله .. أرجوك يا دكتور .. شوف أى حل .. أنا مش قادر أستحمل الألم ..  أرجوك أتصرف .. و دى بتبقى  اشارة واضحة من المريض  للدكتور أنه أختار الحل التانى .. أختار المورفيين .. بس بيبقى عايز الدكتور يشاركه فى كدبته على نفسه اللى بدأها من الاول .. علشان يعرف يكمل اللى فاضله من غير ألم .. ف الدكتور ما بيلاقيش قدامه حل .. غير أنه يمسك ايد المريض و يطبطب عليها و يقوله كل اللى 
مريض عايز يسمعه و اللى الدكتور ماينفعش أنه يقوله .. و يصرفله المورفيين
 ...المذيعة :  هه .. ههههههه  ... مورفين ايه ؟! .. مافيش حد فينا مريض
 مجدى : المريض مجتمع .. مجتمع كامل .. ولاد و بنات .. شباب و شيوخ .. ستات و رجالة .. مجتمع مابقاش عايز يشوف و لايسمع و لايحس .. مجتمع مش عايز يعيش غير  يومه و بس من غير ما يفكر فى بكره ولا بعده .. مجتمع بيبنى جسور حوالين كدبته  علشان يحميها من غبار الحقيقة اللى مالى الجو .. و ف الاخر ايه ؟! .. ييجى شوية عيال بتوع الفيس بوك  .. يسيبه المجتمع بكل عيوبه و نواقصه  اللى باينة زى الشمس .. و يشاوروا عليا أنا و يقولوا الكداب أهو .. بيشاوروا عليا أنا ! .. أنا!.. أنا الدكتور اللى ماكنش قدامه أى حل غير أنه ينفذ رغبات المريض .. أنا!  ... أنا أخر واحد قرر يشارك فى الكدبة بعد ما بقى تكديب الكدبة أصعب من تصديقها.. أنا اللى ماكنش قدامى غير أنى اطبطب على ايد المريض و اسمعه اللى هو عايز يسمعه بدل م اسمعه  اللى المفروض  انى أقوله  .. لأنى حتى لو قولته .. ماكنش ح يفيد ب حاجة  .. عارفة ليه ؟  .. لأن الحالة فعلا متأخرة
المذيعة : هوااا ... هو الحوار أخد سياق مختلف تماما عن اللى أحنا كنا مجهزين له .. و بالرغم من الكلام الغريب اللى حضرتك قولته .. بس أحنا أكيد وصلنا المريخ طبعا  .. صح ؟ .. أكيد وصلنا ! .. مش كده ؟
مجدى : -----
المذيعة: أرجوك قوللى اننا و صلنا .. وصلنا ؟  .. وصلنا صح؟
مجدى : ( يمسك يد المذيعة مطبطبا عليها ) .. طبعا .. طبعا وصلنا